هل الدعاء يغير المكتوب عند الله تعالى؟



الدعاء من القدر والمكتوب لا يتغير، فالقدر قدران: قدر محتومٌ لا حيلة فيه، وقدرٌ معلق، سيكون بعض القدر معلق بالدعاء فإذا دعا أزال المعلق، قد يكون معلق أن الله جل وعلا يتوب عليه إذا صلّى، إذا صام، إذا فعل كذا، فهذا قدرٌ معلق فالله جل وعلا يرفعه عنه بما فعل من الطاعات والأعمال الصالحات والتوبة، فالأقدار تعالج بالأقدار، مثل ما قال عمر لما أشار عليه الصحابة في غزواته إلى الشام ووقع الطاعون، أشاروا عليه بالرجوع، وأشار بعضهم بعدم الرجوع ثم استقر أمره على الرجوع إلى المدينة، وعدم القدوم على الطاعون فقال: تفر من قدر الله، فقال -رضي الله عنه-: نفر من قدر الله إلى قدره، الله أمرنا بأن لا نقدم عليه، لا نقدم على هذا، فإذا تركنا القدوم عليه فقد فررنا من قدر الله إلى قدر الله، ثم جاء عبد الرحمن بن عوف - رضي الله عنه-، فأخبر عمر بأن الرسول - صلى الله عليه وسلم – أمر بأن لا يقدم عليه، ففرح عمر بذلك وأن الله وفقه لما جاء به النص بعدما استشار الصحابة، وهكذا الإنسان تصيبه الحمى فيتعاطى الأسباب يفر من قدر الله إلى قدر الله، يجوع يأكل حتى يزول الجوع يفر من قدر الله إلى قدر الله، يصيبه الحر فيشرب الماء البارد أو يتروش يفر من قدر الله إلى قدر الله، يصيبه مرض في عينيه فيعالجها بأنواع العلاج يفر من قدر الله إلى قدر الله، وهكذا أنواع العبادات كلها فرار من قدر الله إلى قدر الله
فالدعاء عبادة من أجل العبادات، وقربة من أعظم الطاعات، والداعي لا يعدم بدعائه خيرا، فإنه إن لم يعط ما سأل صرف الله عنه من السوء بمثل دعائه أو ادخره له يوم القيامة، كما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم.
فعلى العبد أن يكون داعيا لله تعالى ملتجئا إليه مفتقرا له سبحانه في كل حال، ولا ينبغي للعبد أن يتوقف عن سؤال الله تعالى ودعائه سواء نزل به ما يحب أو ما يكره. فإنه من لم يسأل الله يغضب عليه كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم. والدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل كما روي في الحديث.
فإذا وقع القدر كان دعاء العبد مخففا لما نزل به من البلاء أو رافعا له، أو يحصل له بدعائه من الصبر والاحتمال ما لم يكن حاصلا لولا الدعاء، فالدعاء من جملة الأسباب التي لا ينبغي للعاقل أن يهملها أو يفرط فيها، بل هو من أهم الأسباب الدافعة للبلاء والرافعة له بإذن الله، وكما أن المريض يتعاطى الدواء بعد نزول المرض ولا يقول قد وقع القدر فما ينفع الدواء، فهكذا شأن الدعاء، فالعبد يسأل الله تيسير الخير ودفع الشر على كل حال 
وَقَدْ رَوَى الْحَاكِمُ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يُغْنِي حَذَرٌ مِنْ قَدَرٍ، وَالدُّعَاءُ يَنْفَعُ مِمَّا نَزَلَ وَمِمَّا لَمْ يَنْزِلْ، وَإِنَّ الْبَلَاءَ لَيَنْزِلُ فَيَلْقَاهُ الدُّعَاءُ فَيَعْتَلِجَانِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» . وَفِيهِ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «الدُّعَاءُ يَنْفَعُ مِمَّا نَزَلَ وَمِمَّا لَمْ يَنْزِلْ، فَعَلَيْكُمْ عِبَادَ اللَّهِ بِالدُّعَاءِ». وَفِيهِ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ ثَوْبَانَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا يَرُدُّ الْقَدَرَ إِلَّا الدُّعَاءُ، وَلَا يَزِيدُ فِي الْعُمُرِ إِلَّا الْبِرُّ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيُحْرَمُ الرِّزْقَ بِالذَّنْبِ يُصِيبُهُ».

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

افضل اوضاع المعاشرة لتحقيق الاشباع الجنسي للرجل وللمراة

طريقة اثارة منطقة الجي سبوت G-Spot عند المرأة

فن المص و لحس النهدين